٢٠٠٧/١٢/٢٦

مقالات فهمى هويدى وإبراهيم عيسى

لله حزب
الأثنين 12 /5/2008
إبراهيم عيسي
ليس غريبًا من نظام حكم يصدِّر الغاز المصري إلي إسرائيل وينير شوارعها ويموِّن دباباتها بوقود مصري، أن يكره حزب الله ويعادي حزب الله، فالذي يموِّن إسرائيل بالغاز «الطبيعي» طبيعي أن يكره مَنْ يحارب إسرائيل بالغاز !
والمؤسف أن كل من تكرههم تل أبيب وتعاديهم وتحاربهم عسكريًا مثل حماس وحزب الله وإيران وسوريا هم أنفسهم الذين يعاديهم حكم مصر ويكرههم ويحاربهم سياسيًا ، أن تكون مواليًا لإسرائيل ومستسلمًا لها ومطبعًا معها إذن هي شروط محبة الحكومات العربية لك ، وقد بات أن خدمة المشروع الإسرائيلي هي أكثر هموم ومهام الأنظمة المعتدلة والمعدولة أمريكيًا في المنطقة العربية، وهي الأنظمة التي تحارب بمنتهي العنف الإعلامي والمالي والسياسي حزب الله ، إن ما جري في بيروت من حكومة السنيورة المدعومة أمريكيًا والمرضي عنها إسرائيليًا ومصريًا وسعوديًا صورة فاضحة ناضحة بخدمة المشروع الإسرائيلي ، فقد قررت حكومة السنيورة أن تهدي إسرائيل في عيد ميلادها الستين هدية ثمينة، وهي ضرب شبكة اتصالات حزب الله، وعندما يرد حزب الله، تخرج أباطيل وأوهام أنصار إسرائيل في المنطقة ليكرروا علينا الأضاليل المتعارف عليها ضد حزب الله، وأول أكذوبة كبري تنتفخ كالفقاعة كل مرة في محاولة للعب بمشاعر المسلمين وتوليع جازٍ في عروق الأمة هي أن حزب الله الشيعي يقف ضد السنة وأهل السنة ، والحقيقة التي يسعدني أن أزفها إلي الجميع أن البوذي الذي يعادي الصهيونية هو أقرب إلي قلبنا من المسلم السُني الحنفي الذي يتحالف مع إسرائيل ، ومع ذلك فمعسكر حزب الله يقف فيه من أهل السنة وأتباع المسيح أكثر ممن يقفون في معسكر الموالين لإسرائيل ، هل ميشيل عون شيعي علوي مثلاً، وكذلك نجاح واكيم؟ !، وهل سليمان فرنجية مسيحي شيعي؟ هؤلاء مسيحيون، ومع ذلك من أكبر حلفاء حزب الله، ثم هناك كبار السياسيين السُنة من رؤساء الوزراء السابقين مثل سليم الحص وعمر كرامي زعماء مقاومة إسرائيل وليس حزب الله فقط، وهناك من الدروز وكل الملل بل والذين لا ملة لهم ضد إسرائيل ومع حزب الله، فالأمر ليس شيعة وسنة.. كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولها إلا متطرفو الوهابية ووعاظ السلاطين وشيوخ النفط «وإذا كان حزب الله شيعيًا فمتي تشيَّعت حماس إذن؟» ثم مَنْ هو الأكثر سُنية ولبنانية من حيث الجذور والأصول عمر كرامي وسليم الحص وهما من أعرق اللبنانيين نسبًا وأعمقهم جذورًا في وطنهما أم الوافد سعد الحريري الذي لم يعرف لبنان إلا منتجعًا، ثم يروج إعلام مصدري الغاز لإسرائيل وحكومة «شوف» السنيورة أن حزب الله استخدم سلاح المقاومة لقتل اللبنانيين ويتجاهلون في كذبهم أن دماء أبناء حزب الله هي التي تسيل وتنزف وتُقتل علي أيدي قتلة الحرب الأهلية اللبنانية حلفاء السعودية ومصر، ثم إن سلاح حزب الله ظل في غمده بعدما انتصر علي إسرائيل في 2000وفي 2006 ولم يتم رفعه من قبل أو من بعد إلا في وجه إسرائيل، فهل كان مطلوبًا أن يسلمه للراهب المسيحي سمير جعجع أم للإمام الدرزي وليد جنبلاط حتي يرتاح العرب العاربة والمستعربة في الدول المعدولة أمريكيًا أم أن يدافع عنه أمام هجمة من رضيت عنهم إسرائيل وأرضوها، من حق حزب الله أن يدافع عن سلاحه، وليس أكثر من الكذب والتضليل الذي يروج أن الشعب اللبناني لا يريد سلاح حزب الله، فهذا السلاح هو الذي يحمي لبنان نفسه من أن يكون غدًا إمارة صهيونية يرتع فيها جنرالات ومسئولو تل أبيب، فالأغلبية الواهية التي تدعيها جماعة السنيورة تقوم علي فارق ستة نواب في البرلمان نتيجة قانون انتخابي تم تفصيله لسادة الحرب الأهلية، ومن ثم فلا مجال للادعاء بأن الشعب اللبناني بده يرتاح، هل بالتطبيع مع إسرائيل يرتاح اللبنانيون؟ وهل سألتم اللبنانيين في انتخابات حرة نزيهة حتي يجيبوا عليكم؟ وهل ستسكت إسرائيل علي لبنان لو اختفي منها حزب الله أم ستنتهكها بعد ساعات من نهاية حزب الله؟ إن سلاح حزب الله هو سلاح كل عربي شريف للردع في مواجهة إسرائيل، وإذا كانت الشعوب خرساء بكماء عاجزة أمام مَنْ يصدر سلاح الغاز لإسرائيل، فعلي الأقل ادعوا لمن يدافع عن سلاحه الذي يواجه به إسرائيل!
تلت التلاتة
إبراهيم عيسي
الأحد 11/5/2008
تسود أمانة السياسات حالة من الغرور الشديد التي لا يخجل بعضهم من إعلانها علي رؤوس الأشهاد «ويمكن للطويل فيهم وللقصير أن يغني لنفسه مزهوًا يا أرضي اتهدي ما عليكي قدي» فقد نجحوا في رفع الأسعار، وفرضوا زيادتها علي البلد كله بينما مرت الأيام دون أن يحدث ما حذرهم البعض منه ودون أن يتحرك مواطن في شارع احتجاجًا أو اعتصامًا «والسكوت علي الأسعار كما في الزواج علامة الرضا» يمكن إذن لأحمد عز أن يضحك الآن ملء شدقيه «هل يعرف عز معني ملء شدقيه؟» علي الذين حذروه من غضب الشعب المصري إذا رفعوا الأسعار ، يضحك أحمد عز ويكاد يتهم الجميع بأنهم لا يفهمون ولا يعرفون الشعب المصري كما يعرفه هو، ولك أن تسأل طبعًا: ومن أين عرف أحمد عز الشعب المصري ؟! من حق عز طبعًا أن يتجاهل الإجابة، فقد بدا له أنه يفهم الشعب أكثر مما يفهمه المزايدون والمأجورون والمتاجرون بآلام الجماهير «!!» فها هي الجماهير يا خويا إنت وهوه ولا حس ولا خبر، ولا فيهم راجل قال تلت التلاتة كام «وبديهي طبعًا أن تلت التلاتة واحد» ومن ثم فإن رجال أمانة السياسات ينصحون بعضًا الآن بعدم الالتفات إلي مثل هذا الكلام الفارغ الذي يحكيه البعض عن غضب الناس وثورتهم وقابلية تكرار أحداث يناير 1977من مظاهرات واحتجاجات أو انتفاضة ضد زيادة الأسعار، والبدء فورًا في سلسلة إجراءات تفتح الاقتصاد علي البحري والدخول في مرحلة التخلص التام من وجود الدولة في الاقتصاد وبيع المصانع والأراضي والتطبيع الاقتصادي الكامل مع إسرائيل بسرعة وبقوة قبل ما يجد جديد ، والحقيقة أن هذه المشاعر وتلك النوايا «التي أؤكد أنها موجودة الآن لديهم وتتحول إلي خطط وقرارات سوف تتم أقرب مما تتوقع» تعبر فعلاً عن أن هؤلاء الذين يحكمون مصر من خلال إدارة أمانة السياسات ليسوا قد الأمانة ولا علي قدر السياسات فالمؤكد:
1-أن هناك فرقًا كبيرًا وفارقًا هائلاً بين الغضب والإعلان عن الغضب، الشعب غاضب هذا أمر لا شك فيه، والأمر لا يتطلب تقارير مخابرات أو أمن دولة بل مجرد ركوب ميكروباص من الهرم للتحرير أو من طنطا إلي موقف عبود يكفي للمعرفة وللتأكد!
2- أن الغضب المكتوم أسوأ مليون مرة من الغضب المعلن، فالغضب المكتوم يأتي علي دماغ الناس من أمراض نفسية وعضوية ومن عدوان وتطرف ومن جرائم وحوادث، والذي يتجاهل أن الشعب المصري يعاني من هذا كله هو مجرد جاهل بوطنه أو منفصم عن واقعه، فتأثير الغضب المكتوم في منتهي السوء علي الدولة نفسها، فهي تفقد المواطن المنتج المشارك في المجتمع لصالح المواطن المكتئب المعزول السلبي المعتل
3- أن الشعب المصري تحمل الأسعار وارتفاعها دون غضب شعبي معلن ومنظم ليس إلا تعبيرا عن قدرة بعض الناس حتي الآن علي التحايل علي العيش وقضاء أمورها بالمال الحرام والرشوة ، وهذا ما يقدم دليلاً علي منهج الحكم علي مدي 27عامًا في إفساد الناس وتركها تتصرف في الصرف علي نفسها بالاقتصاد الأسود والعمولات والسمسرة والرشوة وخلافه حتي تسكت عن الحكم وفساده
4- أن السياسي الحقيقي ورجل الدولة المحترم هو الذي يهتم جدًا برضا الناس وتأييد الجماهير وموافقة الرأي العام، أما عدم الاعتبار لهذه الأمور والتعالي عليها من رجال أمانة السياسات والفرح فقط بأن الناس ساكتة هو قمة في الطيش والطناش السياسي
5- إن الغضب إذا تم إعلانه بشكل منظم وحر وحقيقي ينقذ البلد من غضب مكتوم ومكبوت ومتراكم ينتظر صدفة تشعله فلا يبقي ولا يذر، خصوصًا أن أحدًا من أمانة السياسات لم يحضر حصة اللغة العربية التي كان المدرس يشرح فيها الجملة الشهيرة «إن الهدوء دائمًا ما يسبق العاصفة، وكلما طال الهدوء كلما اشتدت العاصفة»!!
علاوتك عندي!
مقال إبراهيم عيسي
إذن الرئيس مبارك يريد أن يشكره شعبه الغلبان والفقران، لأنه نفحه علاوة هي الأكبر والأضخم في عصره الذي يمتد وتمدد منذ سبعة وعشرين عامًا، هايل، اشكروا الرئيس أيها المواطنون من موظفي القطاع العام وعماله، اشكروه واحمدوه وقبلوا جبينه علي تلك النعمة، وما تصدقوش نفسكم من الفرحة وهللوا وطبلوا وزمروا يا سعدكم وهناكم، كل مشاكلكم انتهت خلاص، وغير كده يبقي افترا والراجل ح يعمل لكم إيه أكتر من كده، الموظف في الدرجة السادسة الذي يتقاضي 128جنيهًا مرتبًا أساسيًا (مش عارف أساسًا بيعمل بيها إيه ) سوف يحصل علي 38جنيهًا علاوة أمر بها الرئيس، يعني بصراحة عداه العيب، تجمعهم مع بعض يطلعوا 166جنيهًا ومع شوية حوافز وبدلات والشيء لزوم الشيء ممكن يبقي المرتب مائتي جنيه وهذا كاف جدًا كي تبدأ حياتك، لكن بشرط أن تكون حياتك في دار الخلد وليست في الدار الفانية الحياة الدنيا، فهذه مكلفة أكتر من 200جنيه في الشهر للأسف، أما إذا كنت من العاملين بالدرجة الخامسة وتقبض137 جنيهًا فهذا يومك يا دمشقي علي رأي فيلم الناصر صلاح الدين فسوف يزيد مرتبك إلي 41 جنيهًا، قوم اتحزم في عرضك، فقد دق السعد بابك، وطل الفرح من شباكك، لكن معلهش سلك الناموس خربشه وهو يطل، وكما نعلم جميعا فالـ41جنيهًا مع الصوم والصلاة ممكن يبقوا 410، علي اعتبار أن جنيه البنك المركزي المصري طبقًا لتعليمات السيد الرئيس بعشرة جنيهات مما تعدون، ولن أحدثك طبعًا لو أنت مربوط علي الدرجة الرابعة غير العلاوات ومرشح تاخد التالتة فأنت بتقبض يا جبار يا مفتري 155جنيهًا فتزيد بالعلاوة 47جنيهًا وهذا وأيم الله مبلغ يليق بمواطن مصري يبني بيته طوبة فضة وطوبة ذهب وطوبي للمساكين، ولا داعي طبعًا لتذكير موظفي الدرجة التالتة الذين يتقاضون مرتبًا أساسيًا 209جنيهات أن يدعوا للرئيس وابنه وحزبه وحكومته وحكمه بالبقاء والنماء والرفاء والبنين بعدما زودوكم علاوة تصل إلي 63جنيهًا، إنها علاوة تمنحكم فرصة للصعود الطبقي فلاداعي لأطباق البلاستيك بتاعة التوحيد والنور وهلموا فورًا إلي أطباق السيفر الإيطالي، مش بأقوللكم 63جنيهًا، أما أخوالي وأقاربي من موظفي الدرجة التانية الذين يتحصلون باسم الله ما شاء الله علي 284 جنيهًا، فقد انفتحت لهم طاقة القدر، فقد زادت مرتباتهم 85 جنيهًا، وهو مبلغ يجعل الدمع يملأ المآقي تأثرا ويحرك القلب الحجر، والحقيقة أن موظفي الدرجة الأولي الذين زادوا 106جنيهات أو المدير العام الذي يتحصل علي علاوة 135 جنيهًا فهؤلاء من طبقة النبلاء ذوي الدم الأزرق الذين يتعالون علي البشر العاديين وبقية خلق الله، فمرتباتهم تصل إلي 450 جنيهًا ومن ثم لا يحتاجون حتي العلاوة، فهو مبلغ مع بعض البدلات والمكافآت يكفي جدًا لأن تحيا حياة كريمة، وأنت عارف طبعًا كريمة كانت تحيا إزاي، إيشي فيلل وعزب وشاليهات، وكلنا نعرف أن كريمة بنت اللئيمة وارثة عن عمها المصري الوحيد الذي هاجر للبرازيل، لكن مشكلة المدير العام في أي شركة الذي يريد أن يحيا بمرتبه حياة كريمة فأنه سيواجه الحقيقة يومًا ما، ويعرف أن كريمة بتشتغل دلوقت في كباريه الجندول في شارع الهرم، أما أصحاب العزة والسمو من وكلاء ووكلاء أول وزارات مصر الذين تصل علاوة الواحد منهم ربنا يزيد ويبارك من 160إلي 180جنيهًا فلا نملك إلا أن ندعو لهم ألا تعميهم الثروة وألا تبدل الـ180جنيهًا نفوسهم، وألا تغير تلك العلاوة أخلاقهم، وأن يؤمنوا أن السعادة ليست في المال فقط!


مهزومون حتى فى لغتنا
الأثنين 12 /5 /2008


من أغرب ما يلاحظه المرء في صحف هذه الأيام، انتشار الإعلانات التي تُكتب باللغة الإنجليزية، حتي تلك التي تصدر عن مؤسسات حكومية. ووجه الغرابة يكمن في أن الصحف مصرية وقومية، وأن المعلن جهة مصرية، والمتلقي هو الجمهور الذي يتكلم اللغة العربية، وهو ما يعني أنه لا يوجد أي مبرر موضوعي لنشر الإعلانات بالإنجليزية، وهي ليست ظاهرة مقصورة علي مصر، ولكنها ظاهرة عربية أيضًا. والذين يتابعون الفضائيات في الوقت الراهن ربما استرعي انتباههم إعلان متكرر عن إقامة منتدي للصحفيين العرب في أبوظبي يجري بثه باللغة الإنجليزية، دون أي ترجمة عربية معه، والكارثة الموجودة في دول الخليج التي تتراجع اللغة العربية في دوله بسرعة فائقة وصادمة لصالح اللغة الإنجليزية، لها مثيلها في المغرب العربي الذي تتراجع فيه الفصحي بنفس السرعة لصالح اللغة الفرنسية.
وإذا فهمنا ما يحدث في الخليج وأغلب الدول المغاربية، فإننا لا نستطيع أن نفهم أو نغفر الذي يحدث في مصر، ليس فقط لأنها الدولة الرائدة والشقيقة الكبري، ولكن أيضًا لأن ظروفها مختلفة تمامًا، فليست لديها جاليات أجنبية تمثل الأغلبية العظمي من السكان كما هو الحاصل في منطقة الخليج، ولا هي مشدودة للثقافة الإنجليزية كما هو الحاصل في دول المغرب التي تتعلق نخبها وجماهيرها (أغلبهم علي الأقل) باللغة الفرنسية.
بطبيعة الحال، فإن الهم ليس مقصورًا علي الإعلان باللغة الإنجليزية في الصحف القومية التي يفترض أنها الأقرب إلي خط الدولة المصرية وتوجهاتها الثقافية فضلاً عن السياسية، لأن الازدراء بالعربية له أوجه أخري، منها ما يتعلق بإهمال الفصحي في مناهج التعليم، واستخدام العامية المبتذلة في وسائل الإعلام، وتشويه اللغة وتهشيمها في رسائل الإنترنت وغرف الدردشة، ويلعب التليفزيون دورًا مهمًا في إشاعة ذلك الازدراء وتعميمه، ولأنه الأقوي تأثيرًا علي اللسان والإدراك العام، فإنه أصبح معول هدم للغة العربية وهجرة لها، ليس فقط من خلال ضعف حصيلة المذيعين والمذيعات من اللغة العربية، ولكن أيضًا من خلال بث برامج تليفزيونية تحمل أسماء إنجليزية، بل إن في مصر قناة تليفزيونية بكاملها خاصمت الفصحي واعتمدت العامية في كل برامجها، بما في ذلك نشرات الأخبار، وليتها كانت عامية معتبرة، من تلك التي تنتسب إلي الفصحي وتتفرع عنها، مماثلة لتلك التي كان يستخدمها أديبنا الراحل الأستاذ يحيي حقي، وإنما هي عامية لقيطة لا أصل لها من العربية.
أدري أن البعض خاصم العربية ضمن خصومته للهوية العربية وللغة القرآن، إلا أن البعض الآخر هجر العربية بداعي التميز والترفع علي لغة عامة الناس، أما الأغلبية فقد هجرت الفصحي جهلاً بها وإقلالاً من شأنها، ومن هؤلاء من تصور أن تقدمه والتحاقه بالوظائف الرفيعة والفرصة الأفضل مرهون بمدي تمكنه من اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، ولا نستطيع أن نغفل في هذا السياق الدور الذي أصبحت تلعبه المدارس الخاصة في حياة المصريين، الذين أصبحوا يتنافسون بعد انهيار التعليم العام علي إلحاق أبنائهم بتلك المدارس التي تعد الإنجليزية لغة أساسية في أغلبها، في حين تهمش اللغة العربية إلي حد انعدامها تمامًا في المدارس الأرقي والأشهر، التي يلتحق بها أبناء النخبة الذين يعدون أنفسهم لقيادة المستقبل في البلد.
إن ازدراء اللغة لا يهزمها في حقيقة الأمر، وإنما يعد تعبيرًا عن احتقار الذات وتآكل الهوية. بالتالي فإنه يعد تعبيرًا عن هزيمة الأمة حضاريًا وثقافيًا، وقد كان ابن حزم مصيبًا حين قال: إن اعوجاج اللسان علامة علي اعوجاج الحال، ولذلك فإن اللغة لن تنهض ولن تسترد اعتبارها ما لم تنهض الأمة وتستعيد كرامتها واعتزازها بذاتها.
إن ما يدهش المرء حقًا أن تلتزم الأجهزة الرسمية والصحف القومية الصمت إزاء ذلك الازدراء المستمر للغة والعدوان الدائم علي مفرداتها، في الوقت الذي تتشدد دول أخري في الدفاع عن لغتها، بل وتفرض عقوبات علي الذين يستخدمون مفردات أجنبية إذا كان لها ما يرادفها في لغتها الرسمية، وهو الحاصل في فرنسا علي سبيل المثال.
لست أدعو لأن ننتظر حتي تحقق الأمة نهضتها لكي تسترد اللغة احترامها واعتبارها، ولكنني أتمني أن تقدم أجهزة الدولة وإعلامها الرسمي والقومي النموذج الذي يعبر عن ذلك الاحترام، من خلال حظر استخدام أي لغة غير الفصحي في مكاتباتها وخطابها، وذلك أضعف الإيمان.

*****************************************

حزبنا الذي لا يقهر

الأحد 11/5/2008
ينتابني شعور بالفرح والتفاؤل كلما طالعت في الصحف أخبار هزيمة أي حزب حاكم في أي مكان بالكرة الأرضية، في الانتخابات العامة، فمثل هذه الأخبار تطمئنني إلي أنه لا يزال ممكنًا في مكان ما من العالم المحيط أن تجري انتخابات نزيهة تؤدي إلي إخراج الحزب الحاكم من السلطة واستبداله بحزب آخر، إن شئت فقل إن شعوري هذا من قبيل تباهي الأقرع بشعر ابن أخيه (مع الاعتذار للتدخل في صياغة المثل الشائع)، ذلك أنه في مصر بوجه أخص تعد هزيمة الحزب الحاكم في الانتخابات من عجائب الدنيا التي ينبغي أن تضم إلي الأهرامات وأبوالهول، بعدما علمتنا خبرة نصف القرن الأخير أن احتكار حزب الرئيس ــ أيًا كان اسمه ــ للسلطة هو من «الثوابت» الوطنية، ولذلك فإنه يستحيل تبديله بغيره، أما وجود الرئيس ذاته، واستمراره في منصبه فهو أم الثوابت بامتياز، بالتالي فإنه إذا كانت هزيمة الحزب الحاكم في الانتخابات مستحيلة، فإن هزيمة الرئيس أمام أي منافس آخر تعد معجزة، والفرق بين ما هو مستحيل وما هو معجزة في المفهوم الاصطلاحي أن المستحيل يمكن أن يتحقق بجهد غير عادي يبذله الناس، كأن يستميت ممثلو المرشحين في صيانة صناديق الانتخابات، ويصر القضاة المشرفون علي الفرز علي التمسك بالنزاهة، وتلتزم الشرطة وأجهزة الأمن بالحياد في المعركة.. مثل هذه الإجراءات الاستثنائية إذا ما تحققت فإنها تجعل المستحيل ممكنًا، أما المعجزة فهي لا تتحقق إلا في ظل تدخل إلهي خارق للنواميس والعقل والمنطق وكل حسابات البشر.
ما دعاني إلي التطرق لهذا الموضوع هو تلك الأخبار التي ذاعت خلال الأيام الأخيرة عن الهزيمة الكبري التي مني بها حزب العمال البريطاني في الانتخابات البلدية، التي وصفت بأنها الأسوأ في تاريخه منذ أربعين عامًا، وكان من ضحايا ذلك الإعصار عمدة لندن كن ليفينجستون - أحد القيادات العمالية المحترمة - الذي كان من أكثرهم تقديرًا للمسلمين وتفهمًا لأوضاعهم وعونًا لهم علي التفاعل مع المجتمع البريطاني.
هزم الحزب رغم أنه مستمر في الحكم منذ عشر سنوات، إذ انتخب توني بلير رئيسًا للحكومة في عام 1997، وجاء بعده جوردون براون في العام الماضي، ولكن ما أضحكني في الموضوع أن براون حينما بلغته أنباء الخسارة قال بهدوء: إن رسالة النتائج السيئة والمخيبة بلغته، وأنه مدرك لفحواها، وسيحاول من خلال أدائه الحكومي أن يعالج أسباب انصراف الناس عن حزب العمال، وهي التي تتمثل بالدرجة الأولي في عدم رضاهم عن الأوضاع الاقتصادية والسياسات التي اتبعتها الحكومة لمعالجة آثارها.
ما أضحكني في الموضوع أن الرجل اعترف بشجاعة بأن الفشل الاقتصادي للحكومة هو سبب السقوط الفادح لحزب العمال في الانتخابات البلدية، وهو ما دعاني علي الفور إلي المقارنة بحزبنا الوطني، الذي اكتسح الانتخابات البلدية قبل أسابيع في الوقت الذي وصل فيه فشل الأداء الحكومي إلي ذروته، ولم يؤثر ذلك الفشل قيد أنملة في الأغلبية الكاسحة التي حصل عليها.
وإذا قال قائل بأنه لا مجال للمقارنة بين الانتخابات البريطانية ومثيلتها المصرية، فإنني أحيله إلي تصريحات كبار المسئولين ومقالات وكتابات الصحفيين الحكوميين عن فجر الديمقراطية الذي أشرق علي مصر منذ تولي الرئيس مبارك للسلطة، وقولهم إنه مع اعتلائه لمنصبه فإن مصر انتقلت من الظلمات إلي النور ومن الهم والنكد إلي الانبساط والحبور.
لقد أثبتت كل تجاربنا الانتخابية أن حزبنا الوطني قوة سياسية لا تقهر، وأنه مطمئن دائمًا إلي الفوز في أي انتخابات قادمة، بلدية أو برلمانية أو رئاسية، وثقته هذه ليست قائمة من فراغ، ولكن نتائج تلك الانتخابات المحفوظة منذ الآن في خزائن وزارة الداخلية تؤكد هذه الحقيقة وتعززها، ولولا الحفاظ علي سرية النتائج لأعلن الحزب عنها وأشهرها علي الملأ لتكذيب المتشككين وقطع ألسنة المعارضين.

مفاجآت الحزب الوطني
فهمي هويدي
الميزة الوحيدة التي تحققت حتي الآن لقرارات الزيادة في الأسعار أنها ذكرتنا بحضور الحزب الوطني في الساحة السياسية المصرية واعتزامه التحرك في العلن، صحيح أنه حضور علي صفحات الصحف وفي نشرات الأخبار، إلا أن ذلك يظل أفضل من الاستمرار في العمل السري، ثم أننا ينبغي ألا نبالغ في الطمع، بحيث نطالب الحزب المذكور بأن يتواجد في الاثنين في وقت واحد، فنراه في الصحف وفي الواقع، الأمر الذي قد لا تحتمله الحياة السياسية بما يشكل مفاجأة قد تهز خرائط البلد وحساباته، وهو ما يدعوني إلي تفهم موقف قيادة الحزب، حين ارتأت أن تتدرج في إثبات الحضور بحيث يعتاد الرأي العام علي وجود الحزب في وسائل الإعلام، وبعد أن يستوعب الناس المفاجأة يباشر الحزب نشاطه علي صعيد الواقع، متنقلاً من السرية إلي العلنية.
ليس كل هذا الكلام هزلاً، ولكن سأروي لك بعض ما استوقفني من قرائن وما حصلته من معلومات منشورة بهذا الخصوص، وسأترك لك الحكم في نهاية المطاف، ذلك أنني قرأت في صباح الثلاثاء 6 مايو الحالي خبرًا أبرزته إحدي صحف «الصباح» عنوانه كالتالي:
الحزب الوطني يبحث سبل ضبط الأسواق والأسعار، وتحت الخبر بشارة تقول إن الحزب المذكور سوف يعقد اجتماعًا في صباح ذلك اليوم للأمانة العامة وأمانة السياسات وأمانة الحزب في المحافظات، لبحث العديد من القضايا، التي منها العلاوات الجديدة وضبط الأسواق والأسعار وزيادة الدعم المقرر للسلع علي البطاقات التموينية، حين وقعت علي الكلام المنشور خطرت علي بالي أسئلة عدة، كان أولها: أين كان الحزب طوال العام الذي انقضي، حين كانت البلاد تغلي والناس تجأر بالشكوي، وموظفو الضرائب العقارية يعتصمون أمام وزاراتهم وعمال المصانع يضربون ويطالبون بزيادة أجورهم ؟ وهل حكاية ضبط الأسواق والأسعار تدخل في اختصاص الحزب وهل هو قادر عليها؟.. وإذا كان قادرًا فلماذا لم يتحرك في العلن ويفعل شيئًا لكبح جماح الأسعار وانفلاتها طوال العام الأخير؟ وإذا كان الحزب لم يسمع بأخبار غليان البلد وتوتره حين كان الناس صابرين ومختزنين لغضبهم وسخطهم، فهل سيكون بوسعه أن يضبط الموقف حين أصبحت الأوضاع علي وشك الانفجار؟
إن أحدًا لم يعثر علي أثر للحزب في الشارع طوال العام الأخير (وقبله بطبيعة الحال)، ولم يكن سرًا أن الجهة الوحيدة التي تصدت لكل التطورات التي حدثت في الشارع المصري خلال تلك الفكرة كانت وزارة الداخلية، ممثلة في جهاز أمن الدولة وشرطة الأمن المركزي، ولا أحد في قيادات الحزب يستطيع أن يقنعنا بأن عناصره كانت موزعة علي هاتين الجهتين.
ثم خذ ما جري حين أرادت الحكومة أن تمرر الزيادة وتباغت بها الرأي العام حسب الكلام المنشور علي لسان أمين التنظيم الذي عقد اجتماعًا سريًا مطولاً ليلة التصويت علي الزيادات والاتفاق مع أعضاء الحزب علي خطة المباغتة معهم، وسهر معهم حتي الفجر، بعد أن أعد لهم عشاءً معتبرًا من فندق كبير، ووعد الحاضرين بأنه لن «ينساهم» إذا ما قاموا بالواجب، وأعطي كل واحد منهم بطاقة لكي يسلمها إلي مندوبه في مجلس الشعب عند دخوله إلي القاعة، لكي يثبت كل واحد منهم أنه حضر جلسة التصويت، في صباح يوم الجلسة عقد اجتماعان سريان آخران، أحدهما بين بعض أركان الحزب لترتيب التغطية الإعلامية للحدث، وتوزيع الوزراء المختصين علي المنابر والبرامج التليفزيونية المختلفة، بحيث يبرر هؤلاء دفعة واحدة في المساء لامتصاص صدمة الناس وغسل أدمغتهم وإقناعهم بالقرارات الجديدة - الاجتماع الثاني عقد مع رؤساء تحرير الصحف القومية لتلقينهم ما يتعين أن يقولوه للناس، والتأكيد علي أن عبء القرارات سيتحمله الأغنياء دون الفقراء، وأن البرلمان هو الذي أجاز الزيادات، وقبل هذا وذاك كانت لجنة الخطة والموازنة قد عقدت اجتماعًا سريًا آخر اقتصر علي ممثلي الحزب الوطني، (ولم يدع إليه أعضاؤها من المستقلين والمعارضة) تمهيدًا لطبخ القرارات وإدراجها ضمن جدول أعمال المجلس.
لم يعرف الناس شيئًا عن كل هذه التحركات إلا بعد أن وقعت الواقعة وتسربت بعض خلفياتها للصحف، الأمر الذي يدفع المرء إلي التساؤل: هل هكذا تتصرف الأحزاب السياسية، التي يفترض أنها تمثل الجماهير؟ وهل هذه ممارسات حزب أم تحركات تنظيم سري تابع للحكومة، اندس وسط الناس وادعي تمثيلهم؟ أرجو أن تحتفظ لنفسك بالإجابة عن السؤالين، وأنا راضٍ بحكمك

****************************************************************

ثمار الفشل
فهمي هويدي

مقال الجمعة 9/5 /2008
اختارت الحكومة الحل الأسهل في توفير الموارد اللازمة لصرف علاوة الثلاثين في المائة، وهو أن تمد يدها إلي جيوب المواطنين وتأخذ منها ما تريد وزيادة، ومن الواضح أن الارتجال والاستهتار بالمجتمع دفعاها إلي التعجل في عملية الجباية والتسرع في إصدار قرارات الزيادة التي صدمت الجميع، وأصابت الناس بالتوجس والخوف من احتمالات المستقبل، ولا تسأل عن ثقتهم التي اهتزت حين أفاقوا في ذلك الصباح ليجدوا أنهم قد خدعوا، واستدرجوا إلي شرك الحفاوة بالعلاوة، ليجدوا أنفسهم بعد ذلك في ورطة الزيادات الكارثية.
منذ أعلن خبر العلاوة المشئومة وضع العديد من الخبراء أيديهم علي قلوبهم وهم يترقبون الإجابة عن السؤال الكبير: من أين ستأتي الحكومة بالأموال التي ستصرف منها الزيادة في رواتب موظفي الحكومة والقطاع العام؟ جميعهم يدركون أن السياسات المتبعة أوصلت الخزانة المصرية إلي حافة الإفلاس، بحيث أصبحت مضطرة لأن تقترض مائة مليون جنيه كل أسبوع لكي تستمر عجلة الإدارة الحكومية في الدوران.
إذ بعدما دمرت القطاع العام وأصبحت تفخر بأنها باعت وحداته إلي المستثمرين الذين انقضوا عليه وحولوه إلي أشلاء عرضوها للبيع من ثانية قطعة قطعة، كان من الطبيعي أن يتراجع الإنتاج الصناعي وأن يتوقف التصدير بصورة شبه كلية، فإن الحكومة لجأت إلي بيع الأصول التي تملكها وتصرفت بمنطق المقامر الذي خسر كل رصيده علي طاولة القمار، فبدأ في بيع ممتلكاته حتي وصل إلي تبديد أثاث بيته، ولم يفكر لحظة في أن يغير من سلوكه الطائش.
لم تول الحكومة أي اهتمام لقضية الإنتاج، ولا فكرت في أن تراجع أوجه الإنفاق الباذخ الذي يستنزف الكثير من موارد البلد لحساب فئات ودوائر بذاتها فوق المساءلة والحساب، لا أحد يعرف ما تنفقه ولا ما هي حدوده، في الوقت ذاته فإنها لم تتح لنفسها ولا لغيرها فرصة استعراض البدائل الأخري التي تغنيها عن مضاعفة معاناة الناس وهي توهمهم بأنها تحميهم وتخفف عنهم.
لقد كان مفهوماً ومرجحاً أن الحكومة ستلجأ إلي فرض ضرائب جديدة لتوفير التمويل الذي تريده، وكنت أحد الذين تصوروا أن تلك الضرائب ستوجه إلي الفئات القادرة بشكل تصاعدي، كما يحدث في دول الاقتصاد الحر، في الولايات المتحدة وإنجلترا ودول شمال أوروبا، التي تدفع فيها الشرائح العليا في المجتمع ضرائب تتراوح بين 48 و 60% من دخلها، ولكن ذلك لم يحدث، وفرضت ضريبة غبية علي السيارات حسب سعتها وليس طبقاً لثمنها، حيث يدفع صاحب السيارة المنتجة في الصين والتي تباع بستين أو سبعين ألف جنيه، ذات الضريبة التي يدفعها صاحب السيارة الألمانية التي تباع بعشرة أضعاف سعر السيارة الصينية، إذا تساوت السعة في الاثنتين، وهو ما يعني أن متوسط الحال سيدفع نفس المبلغ الذي يتحمله صاحب الملايين أو البلايين.
كنت أتصور أنها ستفرض ضريبة علي أباطرة الإقطاع الجديد، الذين وزعت عليهم أراضي البلاد بالملاميم ثم قسموها وباعوا المتر فيها بألوف الجنيهات، لكن ذلك لم يحدث أيضاً، كنت أتصور أن ضريبة الدخل التي تدفعها شركات الاتصالات التي تحقق أرباحاً هائلة ستزيد بنسبة 10% مثلاً، الأمر الذي يضيف إلي خزانة الدولة أكثر من مليار جنيه، كما تصورت أن الحكومة سوف تنشط في تحصيل المستحقات الضريبية واجبة السداد، التي بلغت 60 مليار جنيه في العام الماضي، منها 37 ملياراً مستحقة علي كبار الممولين، لكن ذلك أيضاً لم يحدث، ولو أن الحكومة استجابت لدعوة البنك الدولي الذي حثها علي توصيل الغاز الطبيعي إلي المنازل، لوفرت أكثر من 10 مليارات جنيه سنوياً تذهب إلي دعم البوتاجاز المستورد، ولو أنها أعادت النظر في اتفاقيات الغاز الطبيعي، خصوصاً الذي يصدر إلي إسرائيل لوفرت عوائد إضافية تصل إلي 18 مليار جنيه، كما يقول الخبراء، هذه مجرد نماذج للخيارات والبدائل التي كانت تنقذ المجتمع من الكارثة التي حلت به بعد زيادة الأسعار، ولست أشك في أن لدي الخبراء حلولاً أخري أفضل وأنجع مما ذكرت، ولكن حكومتنا «الرشيدة» أعرضت عن كل ذلك واختارت أن يتحمل المجتمع نتائج فشلها المستمر، وهو ما يعني أنها بما فعلت استنفدت مرات الرسوب، وتعين علينا أن نتعامل معها بحسبانها حالة ميؤساً منها.

إنهم يستعجلون الحريق
فهمي هويدي
الآن نستطيع أن نقول إن مسألة العلاوة كانت كميناً وقعنا جميعاً فيه.. فصدقنا في البداية أن الحكومة حريصة علي التخفيف من معاناة الناس، ولذلك كان قرار الرئيس مبارك زيادة العلاوة السنوية إلي 30% لأكثر من خمسة ملايين هم موظفو الحكومة والقطاع العام، ولم يخطر علي بالنا أن هذه الزيادة كانت الطعم الذي أوقعنا فيما هو أسوأ.. إذ إن الضم المتواضع الذي حصل عليه الخمسة ملايين موظف تحول إلي غرم ضرب المجتمع كله بالزيادات التي أعلنت مساء يوم الاثنين.
ولا أعرف إن كان الأمر مرتباً ومخططاً له من البداية أم لا، بحيث تعلن العلاوة في يوم، ثم ترفع الأسعار بعد خمسة أيام، لكن لدي شكوك كثيرة في أن العملية من بدايتها اتسمت بالعجلة والارتجال، وبالتالي فلا قرار العلاوة درس جيداً ولا قرارات الزيادة أخذت حقها في الدراسة.. إذ المعلوم أن الاتفاق مع الحكومة كان يقضي بأن تتراوح نسبة العلاوة بين 20 و25%، وهو ما أشار إليه الرئيس في خطابه، إلا أنه رأي زيادتها إلي 30%، وطلب من الحكومة أن تدبر أمر التمويل، فسارعت خلال الأيام الخمسة التالية إلي طبخ الزيادات، وحتي لا تتحمل مسئولية حريق الأسعار الذي سوف يشتعل بسببها فإنها اعتبرتها تعديلاً ضريبياً يتعين عرضه علي مجلس الشعب حسب القانون، وكانت الحكومة قد رفعت سعر طن المازوت بنسبة 100% في شهر يناير الماضي «من 500 جنيه أصبح سعره ألفاً» ولم تفكر آنذاك في عرض الأمر علي مجلس الشعب، وإنما فوجئ به الجميع ذات صباح، هذه المرة، ولأن الزيادة من العيار الثقيل فإن الحكومة وجدت مخرجاً في «تلبيس العمامة» للمجلس، بحيث يعلن أن أغلبيته هي التي قررت زيادة الأسعار وليس الحكومة، وهو ما لاحظناه في صياغة الخبر الذي بثه التليفزيون المصري مساء يوم ـ الاثنين ـ ولتمرير الزيادات علي وجه السرعة فإن لجنة الخطة والموازنة بالمجلس عقدت اجتماعاً سرياً لم تشرك فيه أعضاءها من ممثلي المعارضة، ثم فوجئ أعضاء المجلس بأن الموضوع مدرج في جدول أعمال جلسة الاثنين بالمخالفة للائحة المجلس التي تنص علي ألا تتم مناقشة أي تقرير قبل 24 ساعة من تسلم النواب له.
كان واضحاً أن هناك اتفاقاً مسبقاً بين الحكومة ورئاسة المجلس لتمرير الزيادات بمنتهي السرعة، ولذلك فإن الدكتور سرور رفض إعطاء أي مهلة لدراسة تقرير لجنة الخطة والموازنة، وأصر علي مناقشة الموضوع والانتهاء منه في جلسة الصباح، وخلال المناقشة انتقد نواب المعارضة مشروع الزيادة واعتبروه خطوة خطرة تهدد بانفجار الشارع المصري، واعتبروا عرض الموضوع بالصورة التي تم بها هو من قبيل التهريج والعبث، في حين أن الأمر جاد ولا يحتمل الهزل.
ومن أهم ما قيل في الجلسة أن مصر تبيع الغاز إلي إسرائيل بسعر مخفض للغاية، في حين تحمل الشعب المصري مزيداً من الأعباء وتضاعف من معاناته، حتي تساءل أحد الأعضاء قائلاً: هل من المعقول أن نصدر الغاز الطبيعي إلي إسرائيل بالملايين، ثم نبحث عن موارد إضافية لتدبير اعتمادات العلاوة؟
خلاصة ما تم في الجلسة المشئومة أن الحكومة التي ادعت أن العلاوة تكلفها 12 مليار جنيه، وهو رقم مبالغ فيه جداً، ورطت المجلس في زيادات تحقق موارد إضافية بحدود 24 مليار جنيه، وأنه بدلاً من مناقشة الموضوع بشكل جاد تطرح فيه مختلف البدائل والخيارات لتدبير الاعتمادات اللازمة، فإنها جاءت بحزمة قرارات كان متفقاً علي تمريرها سلفاً دون أي تعديل أو مناقشة.
أما الخلاصة الأهم والأخطر فهي أن ادعاء الحكومة بأن القرارات لن تؤثر علي الطبقات الفقيرة والمتوسطة بمثابة وهم كبير، لأن هؤلاء سيكونون الأكثر تضرراً منها أقل نتيجة لارتفاع أسعار السولار، الأمر الذي سيؤدي إلي زيادة أجور نقل البضائع والركاب، الذي سيكون ذريعة لرفع أسعار السلع المعروضة في الأسواق.
إن عيدان الكبريت تقترب من الزيت الذي يغمر الشارع المصري، وحين تكون سياسات الحكومة هي التي تستعجل إشعال الحريق، فليس أمامنا إلا أن ندعو الله أن يلطف بنا في قضائه.

٢٠٠٧/١٢/٢١

بأى حال عدت ياعيد

بأى حال عدت ياعيد

الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

قصيدة(عندما يحزن العيد)

راثيًا حال الأمة الإسلامية بما يشاهده من معاناتها:

أقبلت يا عيد والأحزان نائمـة *** على فراشي وطرف الشوق سهران

من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان؟

من أين نفرح والأحداث عاصفة *** وللدُّمى مـقـل ترنـو وآذان؟

من أين والمسجد الأقصى محطمة آمالـه وفؤاد القـدس ولهـا؟

من أين نفرح يا عيد الجراح وفي دروبنا جدر قامـت وكثبـان؟

أصبحت في يوم عيدي والسؤال على ** ثغري يئن وفي الأحشاء نيـران

أين الأحبـة وارتـد السـؤال إلى *** صدري سهامًا لها في الطعن إمعان؟

وقصيدة اخرى للشاعر

قابَلتني في فرحـــــــةٍ بـــــــالتحية ولــــــــــها بسمة على الثغر حيه
خطوها راقص تقول ســـــــروراَ هاهو الـــــــعيد جئت أبغي الهديه
فتمطت في القلب آهة جـــــــــرح وتساءلت والــــــــــــدموع سخيَّه
أي عيد رقصت شوقاً إلــــــــيه ؟ أي عــــــــيد ذكرته يا أخــــــيه ؟
أهو عيد للقدس عاد إلـــــــــــينا ؟ بعد أن دمَّــــــــــــرته أيد غـبـيَّــه
عجبت أختي الــصغيرة من حالي وقـــــــــــــالت في دهشة ورديَّه:
إنه عيدنا وعـــــــــــــــــيد رفاقي عيد حلوى وذكـــــــريات عنـيَّـــه
قم معي يا أخي نــــــُؤرجح بعضاً في أراجـــــيحنا ونلــــعب ( فَيّه)
قلت يا أختُ (مرجحي ) وتغـنّــَي لم تزل نفســـــــــــك الطهور نقيَّه
كنت طفلاَ يا أخت مثلك خِــــــلواَ من همومي ، وليس في القلب كيَّه
كم غدونا إلى البيوت صـــــــباحاَ يوم عيدي نحن الـــــــرفاق سويّه
وطلبنا من ربَّة البيت حــــــــلوى وسرقنا إذا اســــتطعنا البـقـيَّــــــه
كم هنئنا بمثل عــــــيدك هــــــــذا فاصدحي بالرضـى وعيشي هنيَّه
هو عيد الأطفال مثلـــــك يا أختي وعيد الأبطال عيد الـــــــبريَّــــــه
ليس هذا عيدي ، فإن جــــــراحي لم تزل يا حبيبة القلــــــــــب حيَّه


ليس هذا عيدي ولكنَّ عيــــــــدي أن أرى أمــــــتي تعود أبيَّــــــــه

٢٠٠٧/١٢/٠٦

شباب خارج نطاق الخدمة

شباب خارج نطاق الخدمة

هل أنت ولامؤاخذة مثقف؟؟
هل فكرت وغامرت واتهورت مرة وقريت كتاب؟؟
بتقرا حاجة غير مجلة ميكي ؟؟
عندك مصدر بتجيب منه معلومات غير قعدة القهوة؟؟
تعرف يعني إيه حزب؟؟
هل تعلم ماهى الليبرالية والفدرالية والإشتراكية ؟؟
يا ترى بتدخل ع النت ليه؟؟ عشان تتثقف؟؟!

إذا كانت معظم إجاباتك هى ( لا ) لا تقلق عزيزي الشاب أنت طبيعى 100% ولا تحتاج إلى أي تحاليل أو إشاعات..فكل الدراسات والأبحاث تشير إلى أن الشباب المصرى عليه العوض وهو في أسوأ حالاته الثقافية في ظل أزهى عصور الحرية والديموقراطية والتقدم .......!! -يعني احنا شباب تمام..في العصر التمام-حيث تشير إحدى الدراسات إلى أن:
80% لا يقرأون الصحف و70% من الشباب الذين يشاهدون التلفزيون..أنهم يفعلون ذلك بدافع الهروب وقتل الوقت وتحتل البرامج الدينية المرتبة الأولى في قائمة البرامج التي لا يهتم الشباب بمشاهدتها بنسبة 64%-لا شباب متدين صحيح
أما في الصحافة الصفحة الأولى التي يهتم الشباب بقرأتها هى..صفحة "الحوادث" تليها "الصفحة الرياضية"..وإذا كانت علاقة الشباب بالإعلام كأحد مكونات المجتمع المصري تبدو ضعيفة..فإن علاقته بالمؤسسات السياسية تبدو مصيبة..ففي البحث الذي أجري عن ثقافة الشباب المصري ذكر أن 10% من الشباب لا يعرفون بوجود أحزاب فى مصر من الأساس-يا حلاوة!!-..و الكارثة بجد هى وجود أكثر من 74 % من الشباب لا يعرف اسم أول رئيس للجمهورية -محمد نجيب يعني-وذكر أيضاً أن 19 % يظنون أن مصر فيها حزب واحد فقط-أكيد قصدهم على حزب النادي الأهلي-..بينما أكد 17% من الشباب أن عدد الأحزاب في مصر هو ثلاث أحزاب..وأكتشف البحث أن 50% من الشباب لا يعرفون عدد الأحزاب الموجودة في مصر..مع العلم أن بها 22 حزب (يا ترى أنت كمان كنت عارف؟؟ ولا انت من الــ50%)..مع إن الأحزاب في كل بلاد العالم تعتمد أصلاً على الشباب بشكل أساسي..ويستطيع الشباب من خلالها إقامة واسقاط الحكومات فنجد أن الشباب الأوكراني وبالتحديد طلبة الجامعات هم الذين أسقطوا النظام الديكتاتوري في أوكرانيا من خلال ثورة شعبية أقامها هم..وهذا هو نفس سبب سقوط الحكومة في فرنسا حينما قام طلاب الجامعة هناك بمظاهرات حتى أسقطوا الحكومة عندما قدمت قوانين للعمل لا تناسبهم..
نتكلم بصراحه من غير زعل
طب تعالوا نشوف ازاى الشباب المصرى بيستفيد من الإنترنت:
فحسب تصنيف مؤسسة أليكسا العالمية عن أكثر 100 موقع يدخله المصريون كان ترتيب هذه المواقع هى مواقع الشات..والمواقع والمنتديات الجنسية ثم مواقع تحميل الأفلام ومواقع نوادي الكرة ومواقع النغمات والبلوتوث ولم تشمل هذه القائمة سوى 4 مواقع إسلامية في حين أنها لم تشمل على أى موقع علمي!!!
لكن الكارثة الكبرى هى أن مصر تحتل المركز الثاني في قائمة أكثر 10 مناطق فى العالم بحثاً عن المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت وفقاً لتصنيف محرك البحث جوجل !!.. فى حين إن ناس غيرنا وشباب غيرنا هم اللي بيستفيدوا بمليارات الكتب والمعلومات الموجودة على الإنترنت..عشان كده بيتقدموا..
فنلاقي مثلاً إن الهند تحتل المركز الأول على العالم فى البحث عن البرمجيات وده يفسر لنا ليه الهند هى الأولى على العالم فى صناعة البرمجيات الآن؟؟
طبعاً مش لازم تبقى محمد حسنين هيكل..-مصيبة لا تكون مش عارف دول كمان-لكن على الأقل تكون فاهم..وعارف..وداري باللي بيجرا حوليك فاهم العالم ماشي إزاي ومين عايز إيه؟؟ ومين بيعمل إيه عشان يكسب إيه؟؟وقبل كل ده تكون عارف كويس..أنت عايز إيه؟؟
لأن فعلاً جهلنا واضمحلال ثقافتنا في كل شئ خلانا أمة نايمة مش بتفكر ولا عايزة تفكر..دماغنا فاضية..مفيهاش أي حاجة..ولا أي قضية..ولا عايشين لهدف..وكل اللي نعرفه في حياتنا..وكل معلوماتنا..عن الممثلين والكورة..حتى ديننا منعرفش عنه إلا الوضوء والصلاة اللي اتعلمناهم واحنا صغيرين..فحين إن العالم كل بيتقدم بسرعة جنونية..واحنا لسه !!..يا ترى الفكرة وصلت؟؟
ربنا يستر علي الجيل الجاي

ده مش هجوم جامد علينا لكن دي دراسات وارقام فعليه يعني كلام صح ميه ميه ايه رأيكم فيه ياترى .......؟؟
نقلاً عن منتدى عيون
وعندى سؤال و محتاج اسمع الرد عليه منكم...؟
مين اللى عمل كده فى شباب مصر ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟